الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكلمة: "غير مشروع" إذا أطلقت في كلام الفقهاء، يقصد بها ما ليس واجباً ولا مسنوناً، فلا يستفاد منها عند الإطلاق حرمة ولا كراهة، ولكن يستفاد منها عدم الوجوب، وعدم الاستحباب، وأما الحرمة أو الكراهة، فقد تستفاد من دليل آخر.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع على زاد المستقنع: .. كلمة «لا يُشرع» تشمَل الواجب والمستحب، فالواجب يُقال له: مشروع، والمستحبُّ يُقال له: مشروع؛ لأن كلًّا منهما مطلوب من الإنسان، ومشروع أن يفعله. فقوله: «لا يُشرع السجود لتركه»، أي: لا يجب ولا يُسَنّ.
وقال: هذا الذي ذكره المؤلف ـ مِن كونه لا يُشرع السجود لتركه، وأنه إنْ سجد فلا بأس به ـ يدلُّ على قاعدة مفيدة وهي: أنَّ الشيء قد يكون جائزاً، وليس بمشروع، أي: يكون جائزاً أن تتعبَّد به، وليس بمشروع أن تتعبَّد به، وقد ذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها: أولاً: فِعْلُ العبادة عن الغير، كما لو تصدَّقَ إنسان لشخص ميت، فإن هذا جائز؛ لكن ليس بمشروع، أي: أننا لا نأمر الناس بأن يتصدَّقوا عن أمواتهم. اهـ.
والله أعلم.