الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فسب المسلمين عموما يعتبر فسقا؛ لحديث ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ, وَقِتَالُهُ كُفْرٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ويزداد السبُّ قبحا ويكبر جرمُه إذا كان السب في حق علماء المسلمين، فسبهم وإن لم يصل لدرجة الكفر إلا أنه من كبائر الذنوب؛ لأن العلماء لهم حق زائد على عموم المسلمين من التوقير والإجلال لما يحملونه من العلم والدين، ولهذا نص الفقهاء على أن سبهم كبيرة، قال الهيثمي في الزواجر: وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْوَقِيعَةَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ مِنْ الْكَبَائِرِ ... اهـــ .
وحكم أهل العلم على من سب العلماء من السلف الصالح أنه منحرف عن الصراط المستقيم، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته المشهورة: وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْأَثَرِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ لَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِالْجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فهو على غير السبيل . اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في (لقاءات الباب المفتوح): سب العلماء أشد إثما؛ لأن سب العالم لا يكون الضرر فيه على شخص العالم، بل عليه وعلى ما يحمله من العلم؛ لأن العالم إذا سبه أحد نزل قدره في أعين الناس، وإذا نزل قدره في أعين الناس لم يتقبلوا منه، فيكون في ذلك ضرر على الشريعة التي يحملها، مع أن السب حرام سواء من العالم أو من العامي. اهـ.
وقال في (شرح رياض الصالحين): الكلام في أهل العلم ليس كالكلام في عامة الناس، الكلام في عامة الناس ربما يجرح الرجل نفسه، لكن الكلام في أهل العلم جرح في العلماء، وجرح فيما يحملونه من الشريعة، لأن الناس لن يثقوا بهم إذا كثر القول فيهم والخوض فيهم، ولهذا يجب عند كثرة الكلام، وخوض الناس في أمر من الأمور أن يحرص الإنسان على كف لسانه، وعدم الكلام إلا فيما كانت مصلحته ظاهرة... اهـ.
فالواجب عليك أخي السائل التوبة من سبهم بأن تندم وتقلع وتعزم أن لا تعود إلى سبهم في المستقبل ومن تاب تاب الله عليه .
والله تعالى أعلم