الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المقرر عند أهل العلم أن من صور الاعتداء في الدعاء: سؤال شيء مستحيل في العادة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 323944.
ومن المعهود في خلقة البشر أن نمو قامتهم يتوقف عند حد معين، ولذلك سبق أن نبهنا على أن الدعاء بطول القامة، لا حرج فيه إذا كان الشخص لا يزال في مرحلة النمو، بخلاف ما إذا كان بعد اكتمال النمو، واستقرار القامة، فإن فيه نوع اعتداء، وراجع الفتويين: 184181، 209851.
وجاء في رسالة الاعتداء في الدعاء لسعود العقيلي: الاعتداء في معاني الدعاء: أن يكون المسؤول ممتنعاً عقلاً وعادة، وله صور؛ كإحياء الموتى، ورؤية الله في الدُّنيا، أو يسأل منازل الأنبياء في الآخرة، أو معجزاتهم في الدُّنيا ... كذلك الدُّعاء بتغيير لون البشرة، أو الطُّول أو القصر، وأن تسأل المرأة التي بلغت سن اليأس ولداً، وكذلك التي استُئصل رحمُها ... اهـ.
وأما ما قرأتَه في الفتوى رقم: 56964، فمبناه على أن ذلك ليس مستحيلا عقلا، أو عادة.
وأما الدعاء بالشفاء من مرض مزمن، فليس من الاعتداء، كما سبق أن نبهنا عليه في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 274942، 187679، 261046، 264517.
ثم إن المريض المضطر، يجوز له أن يدعو بكشف ضره بالغا ما بلغ.
جاء في كتاب (الأزهية في أحكام الأدعية ص 57 ، 58) للزركشي: يجوز أن يسأل اللهَ العبدُ سؤالا مطلقا أن يكشف عنه ضرورة وقعت له، فينقض الله له عادة، كما إذا حدث له في بادية جوع أو عطش، أو برد شديد وهو مأذون له في دخولها من جهة الشرع، فدعا الله بكشف ما أصابه من الضر مطلقا، كان ذلك جائزا، وإن كان في إجابته إياه نقض العادة، وقد يفعل ذلك به من غير مسألته جزاء له لتوكله، وقوة إيمانه. اهـ.
وأما الدعاء للمسلمين جميعا، وهل يحصل بذلك أجر للداعي؟ فجوابه أن: نعم، يثاب الداعي لعموم المسلمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 215431.
والله أعلم.