الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعلم الشرعي هو العلم الذي يخدم الشرع، فيشمل ما كان مطلوبًا تعلمه لذاته كالتفسير والحديث، والفقه والعقيدة، ويشمل ما كان مطلوبًا من باب الوسائل كالعلوم المساعدة مثل اللغة والنحو، والأصول، ومصطلح الحديث، والبلاغة وغير ذلك.
وقد ذكر الشيخ عليش في كتابه: (منح الجليل شرح مختصر خليل) عند شرحه قول الشيخ خليل: ( كالقيام بعلوم الشرع) أن علم الشرع: هُوَ مَا يَحْتَاجُهُ الشَّخْصُ فِي نَفْسِهِ وَمُعَامَلَتِهِ، مِنْ فِقْهٍ وَأُصُولِهِ، وَحَدِيثٍ وَتَفْسِيرٍ، وَعَقَائِدَ، وَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَنَحْوٍ وَلُغَةٍ وَصَرْفٍ وَبَيَانٍ وَمَعَانٍ. انتهى.
وقد سبق أن بيَّنا الفرق بين علوم المقاصد، وعلوم الوسائل في الفتوى رقم: 57232. ولا يضرك عدم معرفة وجه كون بعض العلوم (التي يوصي العلماء بتعلمها) أنه من علوم الشريعة؛ لأنك مبتدئ في طلب العلم، وطلبك لها حينئذ لا ينافي الإخلاص، ويكفيك في تحصيل أجر تعلُّمها، قَصْدُ التقرب إلى الله بذلك، ولا تستجب للوساوس التي تنفرك من تعلمها؛ لأن عاقبة الاسترسال في هذه الوساوس هي الانقطاع عن طلب العلم بالكلية. والذي نوصيك به أن لا تطلب العلم وحدك بدون مرشد يوجهك؛ فإن العلم درجات، ومناقل، ورُتب، ولا ينبغي البدء في مرحلة منه إلا بعد الانتهاء من المرحلة التي قبلها، وطالب العلم المبتدئ لا يستطيع معرفة ذلك بدون معلم مرشد ناصح، فيدله على منهج متكامل يراعي التوازن في دراسة العلوم، ويراعي التدرج في مستويات كل علم.
قال ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله): طَلَبُ الْعِلْمِ دَرَجَاتٌ، وَمَنَاقِلُ، وَرُتَبٌ، لَا يَنْبَغِي تَعَدِّيهَا، وَمَنْ تَعَدَّاهَا جُمْلَةً فَقَدْ تَعَدَّى سَبِيلَ السَّلَفِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ- وَمَنْ تَعَدَّى سَبِيلَهُمْ عَامِدًا ضَلَّ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ مُجْتَهِدًا زَلَّ. انتهى.
والله أعلم.