الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن العدل بين الأولاد في العطايا، والهبات، واجب، إلا أن تكون لبعض الأولاد حاجة خاصة، تقتضي تفضيله بقدر حاجته، وانظر الفتوى رقم: 6242.
لكن لا تجب التسوية بين الأولاد في النفقات, وإنما ينفق الأب على الأولاد بحسب حاجة كل منهم، فإذا كان الأب المذكور قد تكفل بمصاريف التعليم والزواج لابنه الأكبر, وابنته الكبيرة, فمن العدل أن يتكفل بمصاريف التعليم لابنه الصغير, وابنته الصغيرة, الآن, وأن يتكفل بمصاريف زواجهما إذا احتاجا لذلك، وهوعلى قيد الحياة, ولايخصهما الآن بمنحة معينة لاستكمال التعليم مستقبلا, أو لأجل الزواج في المستقبل؛ لعدم الحاجة في الوقت الراهن.
يقول الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: فالتعديل بين الأولاد في النفقة: أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج، فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس يحتاج إلى نفقة للمدرسة، من كتب ودفاتر، وأقلام وحبر وما أشبه ذلك، والآخر هو أكبر منه لكنه لا يدرس، فإذا أعطى الأول، لم يجب عليه أن يعطي الثاني مثله.
ولو احتاج الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال مثلا، واحتاجت الأنثى إلى خرصان في الآذان قيمتها ألف ريال، فالعدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى الخرصان بألف ريال، وهي أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل. ولو احتاج أحدهم إلى تزويج، والآخر لا يحتاج، فالعدل أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار، فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا، أن يزوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام، ولا يجوز للورثة ـ أيضا ـ أن ينفذوها، إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه من التركة. انتهى.
والله أعلم.