الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤالك يحتمل صورتين:
الأولى: أنك كنت تريد شراء كتب، ولكن صاحب الكتاب أعطاك نسخا منها مجانا، واشترط عليك أن تكتب عليها أنها (وقف لله)، ففي هذه الصورة يكون الواقف هو صاحب الكتب، وأنت الوكيل عنه في توزيعها بذلك الشرط.
وأما الصورة الثانية: فهي أنك اشتريت هذه الكتب من تاجر لتوقفها، وشرط عليك التاجر أن تكتب عليها (وقف لله)، فهذا الشرط جائز؛ لأنه لا ينافي مقتضى العقد، ولا ينافي مصلحته، وفيه مصلحة بأن هذه الكتب موقوفة، وليست للبيع.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عند ذكر الشروط الصحيحة في البيع عند الحنابلة: الثَّالِثُ: شَرْطٌ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلاَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلاَ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، لَكِنْ فِيهِ نَفْعًا مَعْلُومًا لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي. انتهى.
ومتى صح هذا الشرط والتزمت به، فالظاهر أنه يتحقق بالكتابة عليها باليد، أو بإلصاق ملصقات مكتوب عليها (وقف لله)، إذ لا فرق بينهما، وعرف الناس اليوم يقتضي أن لا فرق بينهما، فكثير من الكتب الموقوفة عليها ملصقات مكتوب عليها (وقف لله). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الاختيارات الفقهية: لفظ الواقف والموصي والناذر والحالف، وكل عاقد يحمل على مذهبه وعادته في خطابه، ولغته التي يتكلم بها وافق لغة العرب، أو لغة الشارع أو لا، والعادة المستمرة، والعرف المستقر في الوقف، يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظ الاستفاضة. انتهى.
ولو فرض أنه قد نص الواقف على الكتابة باليد، فلا يجب التزام شرطه؛ لأن الكتابة بوضع ملصق على الكتب، لا يفوت مقصوده، خصوصا إذا انضاف إلى ذلك وجود مشقة بالكتابة باليد.
قال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين عند كلامه عن (شروط الواقفين، وما يجب التزامه منها، وما يسوغ، وما لا يجب): وإن كان فيه قربة وطاعة، ولم يفت بالتزامه ما هو أحب إلى الله ورسوله منه، وتساوى هو وغيره في تلك القربة، ويحصل غرض الواقف بحيث يكون هو وغيره طريقين موصلين إلى مقصوده، ومقصود الشارع من كل وجه، لم يتعين عليه التزام الشرط، بل له العدول عنه إلى ما هو أسهل عليه، وأرفق به، وإن ترجح موجب الشرط ، وكان قصد القربة والطاعة فيه أظهر، وجب التزامه. انتهى.
وإذا أزال بعض الناس هذه الملصقات، فليس عليك شيء، وذلك وارد أيضا فيما لو كتب عليها باليد.
والله أعلم.