الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من القواعد المقررة في الشرع، أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقد جاء الوعيد على الإعانة على شرب الخمر بخصوصها ، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه. أخرجه أبو داود، وصححه الألباني.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
فالحكم على عملك هذا هو فرع عن مدى كونه إعانة على شرب الخمر، فإن علمت بحال الحاضرين لتلك الحفلة، أنهم سيستبدلون الكوبونات بالخمور، فهذه إعانة ظاهرة على شرب الخمر، فيحرم عليك القيام بها، ويلحق بالعلم بحالهم: غلبة الظن أيضا عند بعض العلماء، وأما إذا شككت في حال المدعوين، ففي هذه الحالة لا يحرم عليك تنسيق تلك الكوبونات، وإنما يكره.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية - في الكلام عن بيع العصير لمن يتخذه خمرا -: اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم لم يكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك: إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.
أما الشافعية فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا، أو مسكرا، واختاره ابن تيمية.
أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل، والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم: فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة. ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك، أو التوهم، مكروه. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 179867، والفتوى رقم: 312091.
والله أعلم.