الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقولك: "عليّ الطلاق لن أحكي لأحد مرة أخرى" ونويت بذلك أحدًا من أهلها، ذلك اللفظ تعليق للطلاق، فإن كنت تعني بقولك: "لن أحكي لأحد"، أي: لن تُدخِلَ أحدًا من أهلها بينكما، ولن تشكوها؛ فإن زوجتك قد طلقت منك بشكواك لأختها؛ لأنك فعلت ما عَلَّقْتَ الطلاق عليه، هذا هو المفتى به عندنا، وهو قول أكثر أهل العلم، حيث يرون أنّ من حلف بالطلاق، وحنث في يمينه، وقع طلاقه سواء قصد إيقاع الطلاق، أم قصد مجرد التهديد، أم التأكيد، فإن كانت هذه الطلقةُ طلقةً أولى، أو ثانية، فلك أن ترجعها ما دامت في العدة، وإن كانت طلقةً ثالثة، فقد بانت منك بينونة كبرى، ولا يمكنك إرجاعها حتى تنكح زوجًا غيرك.
وبعض أهل العلم -كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يجعل الحالف بالطلاق للتهديد، أو التأكيد، كالحالف بالله، فإذا حنث في يمينه، لزمته كفارة يمين، ولم يلزمه طلاق، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور.
وإذا كنت شكوت إلى أختها ناسيًا حلفك بالطلاق، فإن أهل العلم اختلفوا في وقوع الطلاق حينئذ، فجمهور أهل العلم يرون أن من علّق طلاقه على فعل، وفعله ناسيًا، طلقت زوجته، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 319771، ومن أهل العلم من لا يرى وقوع الطلاق بسبب النسيان، وهذا هو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 137567، والأخذ بقول الجمهور أحوط.
وقولك: " فقرأت القرآن؛ فعرفت أن الله يقول: إنه يمكنني صيام ثلاثة أيام إذا كنت لا أستطيع إطعام عشرة مساكين" صحيح، فمن عجز عن الإطعام، والكسوة، والعتق في كفارة اليمين، فإنه ينتقل إلى الصيام، ولكن ينبغي أن تعلم أنه ليس للعامي أن يأخذ الحكم من القرآن، ما دام أنه ليس عنده من العلم ما يمكنه من ذلك، فربما أخطأ العامي في فهم الآية والمراد منها، وربما كانت الآية الكريمة مخصصة بآية أخرى، أو منسوخة، أو غير ذلك.
والله تعالى أعلم.