الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين كما صح بذلك الحديث، وينبغي لكل مسلم أن يحرص على اتقاء شر العين، ويأخذ بالأسباب التي تحصنه منها، ومهما كان الشخص طائعا لله تعالى محافظا على أوراده وأذكاره، فإن خشيته العين وتحصنه منها أمر حسن، وإلا لما رقى النبي صلى الله عليه وسلم الحسنين ـ رضي الله عنهما ـ ولما استعمل الصحابة والسلف الطيب الرقية، ولما أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهم خير الخلق وأعبدهم لله تعالى، غير أننا ننبه إلى أن خشية العين والحسد لابد أن توضع في إطارها الطبيعي، وألا تصل إلى حد الوسواس المرضي، فيحصن الإنسان نفسه بالمعوذات ونحوها طلبا للسلامة ثم يتوكل على الله تعالى دون غلو في نسبة كل ما يحدث إلى العين والحسد.
والثقة بالله والتوكل عليه لا تنافي الأخذ بالأسباب الواقية من العين والحسد، ومنها قول: ما شاء الله ـ عند رؤية ما يعجب الشخص، وليس ذلك منافيا للتوكل، بل هو من تمام التوكل، فإن التوكل عمل القلب والأخذ بالأسباب، ومنها ما ذكر عمل الجوارح، فكما أن السعي على طلب الرزق لا ينافي التوكل على الله فكذلك قول ما شاء الله ونحو ذلك من الأذكار التي جعلها الله سببا للوقاية من العين لا ينافي التوكل على الله، ولا يقال إن ذلك نقص في الثقة به أو التوكل عليه، بل يفعل هذا ويؤتى به لكونه سببا شرع الله الأخذ به، والأسباب ومسبباتها مخلوقة لله تعالى، وقد بينا في فتاوى كثيرة أنه لا تعارض بين التوكل والأخذ بالأسباب، ولتنظر الفتويان رقم: 327505، ورقم: 216799.
وبه تعلم أن في سؤالك خطأ، فإن التوكل وقول ما شاء الله لا يتنافيان حتى تتصور التعارض بينهما، فمن طلب منك أن تقول هذا القول عند رؤية ما يعجبك فاستجب له أخذا بأسباب دفع العين، وطلب قول هذا الذكر من الشخص الذي يعجبه شيء لا ينافي إحسان الظن بالله، والثقة به، والتوكل عليه، وقد يحسد الشخص نفسه، كما بينا في الفتوى رقم: 328387 وأما تنبه الجن لرؤية الشخص ما يعجبه: فلا نعلم ما يدل عليه.
والله أعلم.