الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي هذا السؤال ثلاث مسائل:
الأولى: مسألة الخلاف بين السائل وأخيه في هذا المبلغ، أكان هبة محضة، فلا يجب رده، أم كان قرضًا، أو هبة ثواب فيكون لصاحبه، ثم لورثته الحق في المطالبة به، والأصل في هذا أنه إذا حصل خلاف بين الآخذ للمال وبين معطيه، فالقول قول المعطي، إلا في بعض الصور، قال الرافعي في الشرح الكبير: مهما اختلف القابض والدافع في الجهة، فالقولُ قولُ الدَّافِع، ألا ترى أنه لو دفع إليه دَرَاهِم، وقال: دفعتها عن الدَّيْنِ الذي به الرهن، وأنكر القابض، أو دفع إلى زوجته دراهم، وقال: دفعتها عن الصَّدَاق، وقالت: بل هي هدية، فالقول قولُ الدَّافِع. اهـ.
وذكر الزركشي هذه القاعدة في القواعد الفقهية بلفظ: إذا اختلف القابض والدافع في الجهة، فالقول قول الدافع، ثم قال: ويستثنى من هذه القاعدة صور.. ومنها: إذا سأله سائل، وقال: إني فقير، فأعطاه شيئًا ثم ادعى بعد أنه دفعه قرضًا، وأنكر الفقير، فالقول قول الفقير؛ لأن الظاهر معه، بخلاف ما إذا لم يقل: إني فقير، فالقول قول الدافع، قاله القاضي الحسين. اهـ.
وذكر السيوطي ذلك أيضًا في الأشباه والنظائر، لكن بما أن المسألة فيها دعاوى وخصام، فالخصومة في الحقوق يرد الفصل فيها للقضاء الشرعي، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 76802، ورقم: 43773.
والمسألة الثانية: أنه في حال ثبوت دَين في الذمة، فإنه يقضى بمثله، لا بقيمته، ولا يصح ربطه بمستوى الأسعار، أو بمعدل التضخم، أو بسعر الذهب والفضة، أو بعملة أخرى، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 31724، 99163، 114210.
والمسألة الثالثة: أن جميع الديون الثابتة للمتوفى عند الناس، تدخل ضمن تركته، وتقسم على كل ورثته الشرعيين بحسب أنصبتهم، ولا تقتصر على زوجته، وبناته فقط، دون بقية الروثة الآخرين- إن كانوا موجودين-، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 223606.
والله أعلم.