الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فخلاف الأولى هو مرتبة بين المكروه والمباح، وهو عند بعض الأصوليين من المكروه؛ إذ المكروه درجته تتفاوت، جاء في الموسوعة الفقهية: خلاف الأولى: قال الزركشي: هذا النوع أهمله الأصوليون، وإنما ذكره الفقهاء، وهو واسطة بين الكراهة والإباحة، واختلفوا في أشياء كثيرة هل هي مكروهة، أو خلاف الأولى، كالنفض، والتنشيف في الوضوء، وغيرهما؟
قال إمام الحرمين. . . التعرض للفصل بينهما مما أحدثه المتأخرون، وفرقوا بينهما بأن ما ورد فيه نهي مقصود يقال فيه: مكروه، وما لا، فهو خلاف الأولى، ولا يقال: مكروه، والمراد بالنهي المقصود أن يكون مصرحًا به، كقوله: لا تفعلوا كذا، أو نهيتكم عن كذا، بخلاف ما إذا أمر بمستحب، فإن تركه لا يكون مكروهًا، وإن كان الأمر بالشيء نهيًا عن ضده؛ لأنا استفدناه باللازم، وليس بمقصود.
وقال في موضع آخر: إنما يقال: ترك الأولى إذا كان منضبطًا، كالضحى، وقيام الليل، وما لا تحديد له، ولا ضابط من المندوبات لا يسمى تركه مكروهًا، وإلا لكان الإنسان في كل وقت ملابسًا للمكروهات الكثيرة، من حيث إنه لم يقم فيصلي ركعتين، أو يعود مريضًا، ونحوه.
قال الزركشي بعد نقل هذه الأقوال: والتحقيق: أن خلاف الأولى قسم من المكروه، ودرجات المكروه تتفاوت، كما في السنة، ولا ينبغي أن يعد قسمًا آخر، وإلا لكانت الأحكام ستة، وهو خلاف المعروف، أو كان خلاف الأولى خارجًا عن الشريعة، وليس كذلك. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فإن الفقيه إذا أراد أن يعبر عن حكم بأنه خلاف الأولى، صرح بذلك، فقال: هذا خلاف الأولى، أو ترك للأولى، ونحو ذلك، وقد يعبر بعبارة أخرى تعرف من اصطلاحه، كأن يقول لا ينبغي كذا، ونحو ذلك، قال السبكي: وقول الصيمري، والحليمي: لا ينبغي، ليس صريحًا في الكراهة، بل يحتمل أنه خلاف الأولى. انتهى.
وقد تكون لبعض العلماء اصطلاحات أخرى، تعرف من تتبع كلامهم.
والله أعلم.