الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن ما يفعله صاحب هذه الشركة من الغش المحرم، وأكل أموال عملائه بالباطل، ولا يجوز لمن علم بحقيقة الحال أن يسكت ويشارك في هذا العمل المحرم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قالوا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواهما مسلم.
وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
ولا يخفى أن في السكوت على هذا الغش ـ فضلا عن المشاركة في إتمامه ـ تضييعا للنصح المتعلق بحق العملاء ـ الزبائن ـ وكذلك النصح المتعلق بحق صاحب الشركة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره. رواه البخاري.
ولا يغني عن السائل أن يقوم بتنقيص السعر على الزبون بشكل تقديري، لأنه لا يعلم مقدار الغش، ولا يعلم كذلك برضا الزبون بشراء بضاعة مغشوشة، مع علمه بعدم رضا صاحب الشركة بذلك أصلا!
وعلى ذلك؛ فلا يجوز للسائل الاستمرار في هذا العمل الذي يعين فيه على الظلم والغش، وعليه أن ينصح لصاحب الشركة وينهاه عن هذا المنكر، فإن استجاب فالحمد لله، وإلا ترك العمل، فقد قال الله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 103660.
ونذكر السائل بأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأن المرء لن يجد فقد شيء تركه لله، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا .... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، {الطلاق: 2 ـ 4}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: من يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله. متفق عليه.
والله أعلم.