الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى كالفتوى رقم: 106346 ، والفتوى رقم: 196239 ، والفتوى رقم: 153637 كراهة استعمال التاريخ الميلادي، وأن الإمام أحمد كره استعماله، وأن الأولى استخدام التاريخ الهجري والتقويم بالشهور القمرية؛ لأن الله جعلها في القرآن ميقاتا للناس، وأنه لا ينبغي الاقتصار على استعمال التاريخ الميلادي، ومع ذلك، فإننا لا نعلم دليلا صريحا يفيد تحريم استعمال التقويم الميلادي، لا سيما وأنه مما عمت به البلوى، فتحريمه حينئذ مع عدم وجود شيء صريح يفيد التحريم، فيه ما فيه.
وما ذكرته أخي السائل من أن المقصود عند النصارى بالتقويم الميلادي ميلادُ المسيح، وأنهم يعتقدون أنه ابن الله -تعالى الله عن ذلك- فهذا معلوم عندنا، وعقيدة النصارى الباطلة في عيسى عليه السلام لا يلزم منها منع استخدام التقويم الميلادي، ما دمنا نؤمن بأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن ميلاده كان آية دالة على عظيم قدرة الله تعالى، حيث خلقه من أم بلا أب. فلا تلازم بين عقيدة النصارى الباطلة، وبين منع استعمال التاريخ الميلادي، ومن منع من أهل العلم من استعمال التاريخ الميلادي، إنما منعه من باب عدم مشابهة النصارى في استعماله، وممن أفتى بمنع استعماله من غير حاجة اللجنة الدائمة للإفتاء.
فقد جاء فيها: لا يجوز للمسلمين التأريخ بالميلادي؛ لأنه تشبه بالنصارى، ومن شعائر دينهم ، وعند المسلمين والحمد لله تاريخ يغنيهم عنه ، ويربطهم بنبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهو شرف عظيم لهم ، وإذا دعت الحاجة يجمع بينهما .. اهــ.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا ابتلينا وصار لا بد أن نذكر التاريخ الميلادي، فليكن أولاً بالعربي الهجري الشرعي، ثم نقول: الموافق كذا. اهـ. والله تعالى أعلم.