الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلم نظفر بنقل صريح عن شيخ الإسلام ابن تيمية في حكم النظر إلى المرأة التي لا تشتهى كالعجوز إلا ما نقله عنه ابن مفلح في الفروع حيث قال: وذكر الشيخ ينظر من أمة ومن لا تشتهى ما يظهر غالبا. اهـ. والمقصود بالشيخ هو شيخ الإسلام ابن تيمية .
ومما يفهم منه هذا قوله في (مجموع الفتاوى 15/ 373): {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن} فرخص للعجوز التي لا تطمع في النكاح أن تضع ثيابها فلا تلقي عليها جلبابها ولا تحتجب، وإن كانت مستثناة من الحرائر لزوال المفسدة الموجودة في غيرها، كما استثنى التابعين غير أولي الإربة من الرجال في إظهار الزينة لهم؛ لعدم الشهوة التي تتولد منها الفتنة. اهـ. وهذا بناء على أن ما جاز الكشف عنه جاز النظر إليه.
وجمهور أهل العلم على جواز النظر إلى العجوز بغير شهوة، جاء في الموسوعة الفقهية: يُبَاحُ النَّظَرُ مِنَ الْعَجُوزِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاَللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اسْتَثْنَاهُنَّ اللَّهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ـ وَلأِنَّ مَا حَرُمَ النَّظَرُ لأِجْلِهِ مَعْدُومٌ فِي جِهَتِهَا، فَأَشْبَهَتْ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ، وَأَلْحَقَ الْحَنَابِلَةُ ـ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ ـ بِالْعَجُوزِ كُل مَنْ لاَ تُشْتَهَى فِي جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ خَاصَّةً... اهـ.
والله أعلم.