الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك فيما قلته أصلًا، بل ما قلته صحيح، وليس فيه تنقص للنبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه، فإن ما كان من خصائص الإلهية مما لا يجوز صرفه لغير الله -كالتوكل، ونحوه- فليس للنبي صلى الله عليه وسلم شأن به، بمعنى أنه لا يجوز صرف شيء من ذلك له صلوات الله عليه وسلامه، وعليك أن تناصحي هذا الشخص بلين ورفق، وتبيني له أن التوكل عبادة، والعبادات كلها لا تصرف إلا لله، والتوكل على غير الله تعالى من الشرك، فقد قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ {التوبة:59}.
فأفرد الله وحده بالتوكل والرغبة، في حين نسب الإيتاء إلى الله والرسول؛ لأن للرسول في هذا دخلًا، وله به تعلق؛ لكونه هو الذي يباشر الإيتاء، وقال الله: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {آل عمران:122}.
ونحن نقرأ في كل ركعة في الفاتحة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ـ وتقديم المعمول يفيد الحصر، فالمعنى لا نستعين إلا بك، ولا نتوكل إلا عليك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي.
ودلائل هذا المعنى كثيرة جدًّا.
والله أعلم.