الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يأجرك في مصيبتك، وأن يخلف لك خيرا منها، ثم اعلمي أن الصبر هو حبس النفس عن الجزع، والتسخط، والجوارح عن إظهار هذا الجزع بلطم الخدود، أو شق الجيوب، أو نحو ذلك، وحبس اللسان عن الشكوى والاعتراض.
وتعرفين أنك صابرة إذا حققت هذا الأمر، فلم تتسخطي أقدار الله، ولم تعترضي على شيء من أفعاله سبحانه، واعلمي أن ربك تعالى حكيم، فما قدر ما قدره عليك إلا لحكمة بالغة، فعليك أن تستسلمي لحكمه، وترضي بقضائه وقدره، وتعلمي أنه سبحانه أرحم بك وبأبنائك من الأم بولدها، وأنه سبحانه لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ {التغابن:11}.
قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
فاحمدي الله على ما منَّ به عليك، وسليه من فضله الواسع، ووطني نفسك على الرضا بجميع ما يقدره ويقضيه، وقد يكون ما أصابك بلاء لتمحيصك، وحط ذنوبك، ورفع درجاتك، واختبارا ليزيد إيمانك، وتسليمك لحكم الله تعالى.
وأما الوساوس ونحوها، فأعرضي عنها، وجاهديها ولا تبالي بها، ولا تسترسلي معها، ولا تركني إلى شيء منها، واعلمي أنها لا تضرك ما دمت كارهة لها، نافرة منها، فننصحك أن تعيشي حياتك بصورة طبيعية، مستسلمة لحكم الله، راضية بجميع ما يقدره ويقضيه، عالمة أنه إن أخذ فقد أعطى أكثر مما أخذ سبحانه وبحمده، ونحن جميعا ضيوف في هذه الدنيا، ومرتحلون عنها إن عاجلا أو آجلا، وأموالنا وأهلونا ما هي إلا ودائع، ولا بد أن ترد يوما كما قيل:
وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن ترد الودائعُ
فنسأل الله أن يربط على قلبك، ويزيدك إيمانا وتسليما.
والله أعلم.