الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهدي والد هذه الفتاة، ويتوب عليه، ويرده إلى الحق، وإلى الفطرة السليمة، فمن المؤسف أن تنقلب الموازين وتنتكس الفطر، فيأمر الأب ابنته بالمنكر، وينهاها عن المعروف، وهو الراعي المسئول عنها الذي يجب عليه أن يقيها عذاب الله، ويكفها عن المحرمات، ويلزمها الواجبات، وإذا كان الأمر يتعلق بلبس ما يسمى بالإسدال فقط، فهذا غير متعين على الفتاة، فيجوز لها أن تتركه، وتلبس غيره من أنواع اللباس الساترة التي يتوفر فيها شروط الحجاب الشرعي المبينة في الفتوى رقم: 6745.
وأما إن كان الأمر متعلقا بخلع حجابها وإظهار ما يجب عليها سترها، فالواجب على الفتاة في هذه الحالة أن تطيع أمر ربها وتجتنب معصيته، ولا يجوز لها طاعة أبيها فيما يخالف أمر ربها، فالطاعة إنما تكون في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا أمرها أبوها بالتبرج أمام الأجانب، فلا طاعة له في ذلك، بل الواجب معصيته، وتعليقه طلاق أمها على ذلك لا يبيح لها معصية ربها، وإذا وقع طلاق أمّها وكان دون الثلاث فهي رجعية، ويجوز له مراجعتها في عدتها، أمّا إذا كانت الطلقة الثالثة، فإنها تبين منه بينونة كبرى، فلا تحل له إلا إذا تزوجت زوجاً غيره ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، وينبغي أن يسلط على هذا الأب من ينصحه بحكمة ويذكره بالله تعالى وبالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
والله أعلم.