الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأمر كما قال السائل الكريم -وفقه الله- أن العبرة في الحكم على الناس إنما هي على اللباس الباطن، وليس على اللباس الظاهر الذي أنزله الله لستر عوراتهم، وحماية أجسامهم من الحر والبرد، بل من شكر العبد الذي أنعم الله عليه بجمال اللباس، أن يكون عونا له على جمال اللباس الباطن، وهو لباس التقوى، الذي أرشد الله إليه بقوله: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ {الأعراف:26}. أي خير من اللباس الظاهر؛ فإن لباس التقوى يستمر نفعه مع العبد، فلا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح، فإذا فقده العبد، نال بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا والآخرة.
بخلاف من كان معدما فقيرا ليس له من الثياب الجميلة ما يلبسها، فإن ذلك لا يضره ما بقي معه لباس التقوى، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.
قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي هَذَا كُلِّهِ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ مِنْ نَحْوِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةٌ.... الْحَدِيثَ. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 52101، 103439، 177809.
والله أعلم.