الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نهنئك أولًا على ما منَّ الله تبارك وتعالى به عليك من نعمة الهداية إلى الحق القويم، والصراط المستقيم، ونسأله أن يثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة.
ونوصيك بالحرص على العلم النافع، والعمل الصالح، وحضور مجالس الخير، وصحبة النساء الصالحات.
ومن أهم أركان النكاح أن يكون بإذن الولي، والشهود، ولمعرفة شروط صحة النكاح، راجعي الفتوى رقم: 1766.
وإن كان العقد قد تم بناء على المذهب الحنفي، فالحنفية يجيزون للمرأة البالغة الرشيدة، تزويج نفسها، فلا إشكال من هذه الجهة، ولكن يجب عندهم الإشهاد عند العقد، وهو مذهب الجمهور.
وبناء عليه؛ يكون هذا النكاح فاسدًا؛ لاختلال شرط الشهود فيه، وقد نص الفقهاء على أن هذا النوع من النكاح - بعد الدخول - تترتب عليه آثار النكاح الصحيح، ومن ذلك أنه يقع فيه الطلاق، وانظري الفتويين: 22652، 161725.
فالطلقات الثلاث قد أبانتك من هذا الرجل بينونة كبرى، فلا تحلين له من بعد حتى تنكحي زوجًا غيره، نكاح رغبة، ثم يفارقك؛ لقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}.
ونوصيك بتعليق رجائك بالله، وسؤاله أن يرزقك الزوج الصالح، فما خاب من علق رجاءه بالله تعالى.
هذا مع العلم بأن المرأة يجوز لها شرعًا البحث عن الأزواج، وعرض نفسها على الأكفاء في حدود الأدب الشرعي، كما بيناه في الفتوى رقم: 18430.
وإن لم يوجد من أوليائك من هو أهل لتزويجك، فارفعي أمرك إلى القاضي الشرعي، فقد جاء في الحديث: السلطان ولي من لا ولي له. رواه أبو داود، وابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنها-.
وننبه إلى أن الواجب على من يجهل حكمًا شرعيًّا سؤال أهل العلم قبل الإقدام على العمل؛ عملًا بقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه، ويحتاج إليه: أن يقصد أعلم من في زمانه، وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.