الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أن الأفضل في مسائل المنازعات هذه، أن تراجع المحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها من الجهات المختصة بالنظر في أحوال المسلمين، ولا يكتفى فيها بالفتوى؛ لأن القاضي أجدر بالنظر والبحث في الأمر، وحكمه ملزم، بخلاف المفتي.
وللفائدة: فإن الفقهاء لم يفرقوا في باب النكاح بين الجاد والهازل، فكلاهما يمضي نكاحه عندهم؛ للحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد، وهزلن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة.
ومما عللوا به إمضاء نكاحه، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى حيث قال: والفقه فيه أن الهازل أتى بالقول غير ملتزم لحكمه، وترتب الأحكام على الأسباب للشارع، لا للعاقد، فإذا أتى بالسبب، لزمه حكمه، شاء، أو أبى؛ لأن ذلك لا يقف على اختياره.... الهزل أمر باطن لا يعلم إلا من جهته، فلا يقبل قوله في إبطال حق العاقد الآخر. اهـ.
والله أعلم.