الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في خطر أمراض القلوب من الرياء والعجب ونحوها، وأن العناية بدفعها أولى من العناية بعلاج أمراض الأبدان، فإن صلاح القلب صلاح لسائر البدن، ولكن الاسترسال مع الوساوس، والانهماك فيها مما قد يقعد عن العبادة، ويحول بين المرء، وبين إصلاح عمله والاجتهاد في طاعة ربه، فعليك أن تحققي الموازنة، فلا تسترسلي مع هذه الوساوس، ولا تمكني لها في قلبك، ولا تفتحي للشيطان الباب حتى يفسد عليك عباداتك، وفي الوقت نفسه لا تغفلي عن قلبك وإصلاحه وتعاهده، والنظر في أمراضه، والسعي في علاجها، واستعيني على ذلك بكثرة قراءة كلام الأئمة الموثوقين المعنيين بالكلام على أمراض القلب وشفائها، كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والحافظ ابن رجب رحمهم الله.
وخوفك من النفاق، هو علامة خير بلا شك، فيدعوك هذا إلى الاجتهاد في إصلاح عملك، وتنقية قلبك، مستعينة على ذلك بالله تعالى، داعية له متوكلة عليه في صلاح قلبك، ولكن لا يسوغ أن يتحول هذا الخوف إلى خوف مرضي تتركين بسببه الأعمال الصالحة، ويحول بينك وبين العبادات التي بها تزيدين قربا من الله تعالى، نسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا أجمعين.
والله أعلم.