الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أراد زوجك أن يبر والديه، ويستقدمهما للبلد الذي يقيم فيه، فله ذلك، ولكن في الوقت ذاته، من حقك كزوجة أن تكوني مستقلة في السكن، بحيث لا يلحقك حرج بوجودهما معكم، فقد نص الفقهاء على أن للزوجة الحق في أن تكون في مسكن مستقل، لا يلحقها فيه ضرر، وأنها لا يلزمها السكن مع أقاربه أو غيرهم، وراجعي الفتوى رقم: 66191. ولا يلزم زوجك أن يستشيرك في استقدام والديه، ولكن عليه استئذانك إن رغب في إقامتهما معكم.
وإن صح ما ذكرت من هذه التصرفات الغريبة التي تصدر عن والديه من الاطلاع على الخصوصيات، والدخول عليك من غير مراعاة للضوابط الشرعية، فهي من المنكرات الشنيعة، وعلى زوجك أن يعمل بحكمة على دفع الأذى عنك، والحيلولة دون قيامهما بذلك. وينبغي أن يتفهم زوجك الأمر، ويجتهد في البحث عن سبيل لجعلهما في مسكن خاص، أو في جانب من بيته مستقل بمرافقه، كما أشرت عليه بذلك، والتفاهم والاحترام المتبادل بن الزوجين، من أفضل ما يمكن أن تتجاوز به المشاكل في الحياة الزوجية. والعناد والإصرار على الخطأ، قد تكون عاقبته وخيمة، فيستغله الشيطان ليفرق شمل الأسرة.
ومن المطلوب شرعا حسن التعامل بين الأصهار، تقديرا لهذه الرابطة العظيمة التي جمعت بينهم، وهي من دلائل قدرة الله عز وجل، ونعمته على عباده التي امتن بها عليهم، قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}، وللأمة أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان خير الناس لأصهاره، من تزوج منهم، ومن تزوجوا منه. وأما التعامل بشيء من روح العداء -كما هو حاصل في مثل حالتكم- فهذا أمر خطير، قد يكون فيه ضرر الدين، وضرر الدنيا.
ونوصيك بكثرة الدعاء أن يصلح الله تعالى من حال زوجك وأهله، وابذلي النصح بالحسنى لكل من يسيء منهم، ولا بأس بأن تستعيني بالفضلاء والعقلاء من الأقارب أو غيرهم، ممن يرجى أن يكون قولهم مقبولا، ويعينون على الإصلاح.
والله أعلم.