الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا دعت إليه حاجة، فإنه مباح شرعا، وراجع الفتوى رقم: 43627. ولا يخفى أن إنجاب الذرية من أهم مقاصد الإسلام من تشريع الزواج، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 221254، والفتوى رقم: 340735.
فإذا كانت المرأة لا تنجب، وأراد الرجل أن يطلقها، فيباح له ذلك، ولا يكون بذلك ظالما لها. وكما أن للرجل الحق في مفارقة زوجته بسبب عدم الإنجاب، فلها الحق كذلك في طلب الطلاق إن كانت متضررة بعدم الإنجاب؛ لأن لها الحق في الإنجاب.
قال ابن قدامة في المغني، وهو يعلل المنع من العزل بغير إذن الزوجة: ولأن لها في الولد حقا، وعليها في العزل ضرر، فلم يجز إلا بإذنها. اهـ.
والطلاق ليس مفسدة دائما، فقد يكون فيه خير للزوجين معا، فقد تفارقه وتتزوج من غيره، فتنجب منه، وكذا العكس بالنسبة لزوجها، وهذا يحصل أحيانا، وهو واقع ومشاهد، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
وإذا كفل الوالدان طفلا، وأرضعته المرأة، فإنها تصير أما له من الرضاعة، وزوجها أبا له من الرضاعة، فتثبت المحرمية من هذه الجهة، ولكن ذلك لا يغير شيئا من جهة النسب، بل لا يجوز لهما نسبته إليهما، وانما ينسب نسبه الحقيقي؛ لأن التبني محرم، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب5:4}.
والله أعلم.