الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي قال للملحد: لا تؤمن، لا يقصد إقراره على ما هو عليه، وإلا لما حاول مناظرته وإقناعه، وإنما يقول له ذلك على جهة التهديد والتخويف؛ كقول الله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ {الكهف:29}.
ومن ثمَّ، فلا حرج عليه، ولا إثم في هذا أصلا، فضلا عن أن يكون كفرا، فكأنه يقول له: لا تؤمن، وسترى عاقبة ذلك، وكذا قول القائل: نحن سعداء بالتخلف، إنما هو لقطع الخصم، وكفه عن الجدال بالباطل، وبيان أنا لا نترك ما نحن عليه من الحق مهما وصفتموه بالأوصاف المنفرة، فكل هذا لا حرج فيه.
وإنما أنت أتيت من جهة الوسوسة التي أنت مصاب بها، خاصة في هذا الباب، ومن ثم فنحن نحذرك من الوساوس، خاصة في هذا الباب؛ فإن الاسترسال معها يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.