الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة الظلم, وخطورته, ومن وقع فيه فعليه أن يبادر إلى التحلل منه في الدنيا قبل أن يؤخذ من حسناته في الآخرة, ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. انتهى.
ولم تذكر لنا حقيقة الظلم الذي صدر منك, لكنه لا يخلو من أن يكون مالاً, أو غيره.
1ـ فإن كان مالاً, فلا بد من رده إلى صاحبه بحسب جهدك, فإن تعذر عليك الوصول إليه، ولم تتمكن بأي سبيل من إيصال المال له، تصدقتَ بهذا المال عنه, وإن علمتَ بموته دفعتَ المال لورثته, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 44421.
2ـ وإن كان الظلم غيبة, أو أذى مثلا, فإن أمكنك أن تطلب العفو من الشخص المذكور فافعل, وإن تعذر وجوده, أو امتنع من الكلام معك، فإنك تتوب إلى الله توبة صادقة، مع الاستغفار للشخص صاحب الحق.
قال السفاريني في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب: لا يخلو حق الآدمي من كونه إما ينجبر بمثله من الأموال، وقيم المتلفات أوْ لاَ، فالأول لا بد من رده لأهله من مال ونحوه. وأما ما لا ينجبر بمثله، بل جزاؤه من غير جنسه ـ كالقذف والزنا والغيبة والنميمة ـ فالتوبة عن هذا النوع بالندم، والإقلاع، وكثرة الاستغفار للمغتاب ونحوه. ولا يحتاج إلى إعلامه، ولا استحلاله من ذلك كله، كما اختاره القاضي، وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وجماعة. انتهى.
والله أعلم.