الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
15514، والفتوى رقم:
16115 بيان حقيقة الفلسفة وحرمة تعلمها من حيث الأصل.
وأما المنطق فهو "آلة قيل إنها تعصم مراعاتها الذهن عن الزلل في الفكر". قال
الأخضري في السلم المرونق:
وبعــــد فـالمنطــــق للجنـــان ====
نـسبـتــــه كالنـحـــــو للســـان
فيعصم الأفكار عن غي الخطا ====
وعن دقيق الفهم يكشف الغطا
وأصبحت دراسته مطلوبة عند بعض المتأخرين لدراسة بعض العلوم كالأصول؛ لأن كثيراً من مؤلفاتها صيغ في قالب منطقي فتعذر التمكن فيها إلا بدراسته، وقد قرر ذلك جماعة منهم
الغزالي في المستصفى، حيث قال:
من لا يعرف المنطق فلا ثقة بعلمه.
وقال ابن
سهلان في البصائر في علم المنطق:
الحاجة له لابد منها وكذا قرر
الدمنهوري وعبد الرحيم الجندي في شرحهما على السلم، وكذا
محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "أدب البحث والمناظرة".
وقال
عبد الرحيم الجندي شارح السلم:
والخلاف إنما هو في المنطق الممزوج بكلام الفلاسفة، أما المنطق الخالص من ذلك فلا يمنع أحد من تعلمه وتعليمه. اهـ
ومن كتب المنطق التي خلصها أصحابها عن الفلسفة "السلم المرونق" وشرحه
للدمنهوري والجندي ومتن
إيساغوجي، وغير ذلك.
وهذه الكتب وأمثالها محترمة، ولكن يجوز عند الشافعية وغيرهم مسها للمحدث، لا أحد يقول بخلاف ذلك.
ولعل الأخ السائل يقصد حكم الاستنجاء بورقها، فقد صرح جماعة من الشافعية بجواز الاستنجاء بورق المنطق؛ لأنها غير محترمة، ولكنه محمول على المنطق المشوب باللوثة الفلسفية اليونانية والخالي -طبعًا- من ذكر الله.
قال
ابن القاسم العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج:
قال في الإمداد: بل هو - أي المنطق - أعلاها أي العلوم الآلية، وإفتاء النووي كابن الصلاح بجواز الاستنجاء به، يحمل على ما كان في زمنهما من خلطِ كثير من كتبه بالقوانين الفلسفية المنابذة للشرائع بخلاف الموجود اليوم، فإنه ليس فيه شيء من ذلك، ولا مما يؤدي إليه، فكان محترمًا... اهـ
وراجع الفتوى رقم:
12103.
والله أعلم.