الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحضور الأفراح التي تشتمل على منكرات؛ كالخمر والمعازف والاختلاط المحرم، لا يجوز، إلا لمن يقدر على تغيير تلك المنكرات، قال ابن قدامة: إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزمر والعود ونحوه وأمكنه الإنكار وإزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار، لأنه يؤدي فرضين إجابة أخيه المسلم وإزالة المنكر، وإن لم يقدر على الإنكار لم يحضر. اهـ ويجوز لمن دعي إلى الوليمة أن يلبي الدعوة في غير الوقت الذي تحصل فيه المنكرات، أو في موضع لا يشاهد فيه هذه المنكرات، قال الرحيباني: وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْعُوُّ بِهِ ـ أَيْ : بِالْمُنْكَرِ ـ وَلَمْ يَرَهُ, وَلَمْ يَسْمَعْهُ، أُبِيحَ لَهُ الْجُلُوسُ وَالْأَكْلُ نَصًّا، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ رُؤْيَةُ الْمُنْكَرِ وَسَمَاعُهُ, وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ
وأمّا حضور منكرات الأفراح لمن لا يقدر على تغييرها: فلا يجوز، ولو سخط الأقارب وقطعوه، لكن ينبغي أن يبين لهم أن امتناعه عن الحضور بسبب وجود المنكرات ويناصحهم في ذلك برفق وحكمة، ولا يقطعهم وإن قطعوه، ومن قدم مرضاة ربه على مرضاة غيره، فسوف يكفيه الله أمر الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ. رواه الترمذي.
والله أعلم.