الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت هذه المرأة باحتساب عدتها بالأشهر، فالصواب أنّ التي ارتفع حيضها لسبب تعلمه تنتظر حتى يعود وتعتد به، قال ابن قدامة رحمه الله:.. أما إذا عرفت أن ارتفاع الحيض بعارض، من مرض، أو نفاس، أو رضاع، فإنها تنتظر زوال العارض، وعود الدم وإن طال، إلا أن تصير في سن الإياس.
فهذه المرأة قد عقدت النكاح الثاني وهي في عدة الطلاق من الزوج الأول، فنكاحها باطل بلا خلاف، قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعاً ـ أي عدة كانت ـ لقول الله تعالى: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ـ ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم، لئلا يفضي إلى اختلاط المياه وامتزاج الأنساب، وإن تزوجت فالنكاح باطل، لأنها ممنوعة من النكاح لحق الزوج الأول، فكان نكاحا باطلاً، كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينه وبينها. اهـ
وعليه، فهذا العقد باطل لا أثر له، وهي لا تزال في عدة طلاقها، ومادامت قد استبان حملها، فعدتها تنقضي بوضع الحمل، فإذا انقضت عدتها جاز لهذا الرجل أن يتزوجها، ففي موطأ مالك: عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، ثُمَّ كَانَ الْآخَرُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ...
والله أعلم.