الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت ابنتك راضية بالرجوع إلى هذا الرجل، فلا مانع من ذلك، وليست هناك شروط مخصوصة للرجعة، سوى شروط وأركان الزواج المعلومة، وحيث رجي صلاح أمرهما، واستقامة الحال بينهما، فهذا أولى وأفضل، وفيه من المصالح ما لا يخفى، لا سيما مصلحة ابنتهما في إقامتها مع أبويها.
ولا يجوز لك أن تمنع بنتك من الرجوع إلى هذا الرجل، ما دامت راغبة فيه، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:232}.
قال ابن كثير -رحمه الله-: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا. تفسير ابن كثير.
وأمّا بخصوص مؤخر الصداق والذهب -أو ما يسمى بالشبكة-، فإن كان هذا الرجل قد طلّق ابنتك من غير أن يشترط عليها إسقاط شيء من حقوقها، فلها جميع ما سموه مهرًا -مقدمه ومؤخره-، سواء كان نقدا أم ذهبًا أم غيره، إلا أن ترضى ابنتك بإبرائه من شيء من ذلك بطيب نفس، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.