الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن البلاء الشديد ليس دليلا على كره الله لك، بل قد يكون العكس هو الصحيح، فإن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تلقى البلاء والمصائب بالصبر والتسليم، وعلم أن لله فيما يقدره ويقضيه حكمة بالغة، وأن الله إنما يقدر عليه هذا البلاء لما له في ذلك من المصلحة؛ لأن الله أرحم بالعبد من الوالدة بولدها، من تعامل مع ابتلاءات الحياة الدنيا بهذه العقلية؛ أعقبه ذلك طمأنينة وانشراح صدر، وكانت له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} . وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}. والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
فاصبري لحكم الله، ولا تظني أن الله يكرهك لما قدر عليك من البلاء؛ بل قد يكون العكس هو الصحيح كما ذكرنا، وقومي بواجب العبودية على أي حالة كنت، واجتهدي في طاعة الله والتقرب إليه بفعل الفرائض والاستكثار من النوافل، فإن السعادة الحقة إنما تنال في القرب من الله والاجتهاد في عبادته، وستجدين في أنسك بالله لذة تنسيك ما عداها من المصائب والآلام.
وأما هل يمكن أن يكره الله أحدا؟ فلا شك في أن الله يكره أعداءه ومن يكفر به ويخالف أمره، ولكننا نرجو ألا تكوني من هؤلاء الذين يكرههم الله سبحانه، بل نرجو أن يكون بلاؤك رفعة في درجاتك، وزيادة في حسناتك، وأن يعقبك الله من ذلك البلاء عقبى خير، وننصحك بالتفاؤل تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يعجبه التفاؤل ويحبه، وهذا كله إذا سلمنا صحة ما ذكرته، وإلا فربما كان هذا كله ناشئا عن أوهام يلقيها الشيطان في قلبك وليس لها حقيقة في الواقع، وعليك أن تدفعي عنك هذه الأوهام بالنظر في نعم الله الجسيمة ومننه العظيمة التي تغمرك من قمة رأسك إلى أخمص قدمك، وساعتها ستشعرين أن ما أعطاك الله أكثر بكثير مما أخذ منك، وأن ما وهبك أضعاف ما سلبك، فيتبدل هذا الشعور بالتذمر والتسخط إلى شعور بالرضا والطمأنينة وانشراح الصدر، وننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا فربما كان في ذلك فائدة لك.
والله أعلم.