الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقول بأنّ الخلوة الصحيحة بعد العقد على المرأة لها حكم الدخول في وجوب العدة، واستقرار المهر، منسوب إلى الخلفاء الأربعة ـ رضي الله عنهم ـ وزيد بن ثابت، وابن عمر -رضي الله عنهما-، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح، استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة، وإن لم يطأ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَزَيْدٍ, وَابْنِ عُمَرَ.
والظاهر ـ والله أعلم ـ أنّ هذا القول ثابت عن عمر، وعلي -رضي الله عنهما-، أمّا أبو بكر، وعثمان -رضي الله عنهما-، فلم نقف على ما يثبت نسبته إليهما، سوى ما روى زارة بن أبي أوفى أنّه قال: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الْمَهْدِيُّونَ الرَّاشِدُونَ أَنَّهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا، أَوْ أَرْخَى سِتْرًا، فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ، وَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ.
قال الطحاوي ـ رحمه الله ـ في شرح مشكل الآثار: فَفِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَإِدْخَالُ بَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا.
لكن قال البيهقي ـ رحمه الله ـ عن هذا الأثر: هَذَا مُرْسَلٌ, زُرَارَةُ لَمْ يُدْرِكْهُمْ، وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مَوْصُولًا.
وقال الألباني ـ رحمه الله ـ بعد ذكر أثر زرارة ابن أبي أوفى: صحيح عن عمر، وعلي.
والله أعلم.