الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤالك مشتمل على جانبين:
الأول: يتطلب بيان بعض الأحكام الشرعية، ومن ذلك أن طاعة المرأة زوجها في المعروف واجبة شرعًا، ولكنها تختص بأمور النكاح وتوابعه - أي: أمور العشرة الزوجية - كما بيناه في الفتوى رقم: 50343، والفتوى رقم: 137716. فلا يجب على زوجتك أن تطيعك إن أمرتها بزيارة أهلك، نعم، لا بأس بأن تحاول إقناعها، وتتفاهم معها في الأمر، فلعل عندها عذر في ذلك، فقد تجد المرأة أحيانًا شيئًا من المضايقات من أهل زوجها، ولا تحب أن تخبره بذلك؛ حفاظًا على العلاقة بينه وبين أهله.
ولا يجوز لزوجتك أن ترفع صوتها عليك.
الجانب الثاني: جانب النصح، فننصحك بأن تحاول أن تتقي ما يمكن أن يستفز زوجتك، ويثير غضبها، ولا سيما مثل هذه الأمور التي لا تلزمها شرعًا، ولا بأس بأن تحاول استغلال الأوقات المناسبة لإقناعها بها، وكل هذا من أجل الحفاظ على الود بينك وبينها، خاصة وأنك ذكرت أنها امرأة طيبة، وصالحة، وتعتني بالبيت بقدر استطاعتها، وأنك تحبها كثيرًا.
وتحيّن الوقت المناسب لتبين لها خطورة الغضب على صاحبه في دِينه، ودنياه، ويمكنك أن تطلعها على فتوى لنا بخصوص كيفية علاج الغضب وهي بالرقم: 8038.
وفي الختام نقول: إن من الحكمة أن يبتعد أحد الزوجين عن الآخر إن رآه في حالة غضب حتى يهدأ، ثبت في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فلم يجد عليًّا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء، فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب.
جاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته، ولا يعاب عليه، قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج عليّ؛ خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ، فحسم مادة الكلام بذلك، إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. اهـ.
والله أعلم.