الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود السؤال عن حكم تزويج البالغ المحجور عليه لسفهه، فإن كان محتاجاً إلى الزواج زوجه الولي أو أذن له في التزويج، وإن كان غير محتاج إلى الزواج لم يزوجه، قال ابن قدامة رحمه الله: فصل: في المحجور عليه للسفه والكلام في نكاحه في ثلاثة أحوال، أحدها: أن لوليه تزويجه، إذا علم حاجته إلى النكاح، لأنه نصب لمصالحه، وهذا من مصالحه، لأنه يصون به دينه وعرضه ونفسه......... وإن لم يكن به حاجة إليه، لم يجز تزويجه، لأنه يلزمه بالنكاح حقوقا، من المهر، والنفقة، والعشرة، والمبيت، والسكنى، فيكون تضييعا لماله ونفسه في غير فائدة، فلم يجز، كتبذير ماله.
وإذا تزوج المحجور عليه دون إذن الولي ففي صحة نكاحه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال بصحة زواجه مطلقاً، ومنهم من قيد الصحته بالحاجة إلى الزواج، ومنهم من جعلها موقوفة على إجازة الولي، ومنهم من أبطله، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على صحة نكاح المحجور عليه للسفه، ولكنهم اختلفوا في اشتراط إذن الولي لصحته، فذهب الحنفية والقاضي من الحنابلة إلى صحة نكاحه أذن الولي أو لم يأذن، وعللوا ذلك بأنه عقد غير مالي ولزوم المال فيه ضمني، ولأنه يصح مع الهزل، ولأنه من الحوائج الأصلية للإنسان، وفي قول للحنابلة: يصح بشرط احتياجه إليه، وقالوا: لأنه مصلحة محضة، والنكاح لم يشرع لقصد المال، وسواء كانت الحاجة للمتعة أم للخدمة، وذهب الشافعية وأبو ثور: إلى عدم صحته إلا بإذن الولي، لأنه تصرف يجب به المال، فلم يصح بغير إذن وليه كالشراء، وقد جعلوا الخيار للولي: إن شاء زوجه بنفسه، وإن شاء أذن له ليعقد بنفسه....... وذهب المالكية إلى صحة نكاح المحجور عليه بسفه، ويكون النكاح موقوفا على إجازة الولي، فإن أجازه نفذ، وإن رده بطل، ولا شيء للزوجة، وهل يحق للولي إجبار السفيه على النكاح؟ جوز الحنابلة ذلك إن كان السفيه محتاجا إليه، بأن كان زمنا أو ضعيفا يحتاج إلى امرأة تخدمه، فإن لم يكن محتاجا إليه، فليس للولي ذلك، وهو مقابل الأصح عند الشافعية.
وأمّا حكم نكاح المحجور عليه لصغره: فقد سبق الكلام على حكمه في الفتوى رقم: 111933.
والله أعلم.