الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الزيادات التي يوعد بها الموظف، إن كان لم ينص في العقد على استحقاقه لها، فهي لا تعدو كونها وعدًا من الشركة للموظفين؛ وحينئذ تأخذ حكم الوعد، من حيث وجوب الوفاء بها من عدمه.
والذي قررناه في جملة من فتاونا: أن الأصل هو استحباب الوفاء بالوعد، وعدم لزومه، إلا إن دخل الموعود بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عن الوعد، فإنه يجب الوفاء به حينئذ، كما في الفتاوى التالية أرقامها: 193433، 136437، 109153، 62371.
وعليه؛ فالزيادة إن كانت مجرد وعد، ولم يرتبط بها زيادة إضافية في العمل، ولم يترتب عليها بذل مزيد من الجهد ـ الذي لم يكن يلزم بمقتضى العقد ـ ونحو ذلك: فلا يجب على الشركة الوفاء للموظف بها، وللمسؤول أن يفاوت بين الموظفين في الزيادات؛ لأنها هبة وتبرع محض، فللشركة التصرف فيها كيفما تشاء.
وأما إن كان الوعد بالزيادة في الراتب مرتبطة بزيادة في عمل الموظف، وكلفة إضافية في الأداء؛ فحينئذ يجب على الشركة الوفاء بها، وللموظف الحق فيها، وله المطالبة بها، قال الدكتور يوسف القرضاوي: والذي أراه أن الخلاف المنقول في الوعد، ولزوم الوفاء به عند المالكية، وغيرهم قد يقبل فيما كان من باب البر، والمعروف، والإرفاق، على معنى أن من وعد إنسانًا بصلة، أو خدمة يقدمها له قد يجري فيه الخلاف السابق؛ لأن أصله تبرع محض، وهذا ما لم يدخل بسبب الوعد في ارتباط مالي، فإنه يشبه أن يكون تعاقدًا ضمنيًّا؛ ومن هذا: ما تعد به الوزارات والمؤسسات العاملين فيها من مكافآت، وحوافز لمن يقوم بجهد معين كعمل إضافي، أو خدمة معينة، أو تحسين لمستوى العمل، أو نحو ذلك، فيجب أن توفي به. اهـ باختصار من مجلة مجمع الفقه الإسلامي. وراجع الفتوى رقم: 76695.
وأما مسألة الظفر: سوى كونها محل خلاف، وليست مسألة إجماعية، فإن محلها لدى من يقول بها إنما يكون لمن أُخذ حقه ظلمًا، ولا يستطيع الوصول إليه إلا بذلك، فلا يسوغ للموظف اللجوء إلى أخذ الزيادات بالحيلة، إلا إن ثبت أن الزيادة حق له ومنعته الشركة إياها، ولم يكن له سبيل للحصول عليها إلا بالحيلة.
وبعد هذا البيان العام نقول: إن مثل هذه القضية التي سألت تعد قضية نزاع، وخصومة بينك وبين جهة عملك، والفصل في قضايا المنازعات والخصومات إنما هو من شأن القضاء، وتولي الشخص الحكم لنفسه في قضايا النزاع بينه وبين جهة عمله يوقعه غالبًا في الجور والاعتداء.
فننصحك ـ إن لم تصطلح مع شركتك ـ برفع الأمر إلى القضاء الشرعي، والبعد عن تلمس باب التأويلات والفتاوى الشرعية التي تنتصر بها لنفسك، وتطلق بها يدك للتخوض في مال الشركة دون بينة صريحة واضحة، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 329800.
والله أعلم.