الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تسأل عنه لا علاقة له ببيع ما لا يملك، فالعقد إجارة، وأنت في العمل المذكور تعتبر أجيراً مشتركاً، والأجير المشترك يجوز له أن يقبل العمل ثم يكلف غيره ليقوم بتنفيذه بسعر أقل ليأخذ هو الفارق بين السعرين ولو لم يقم بعمل في المعقود عليه، جاء في كشاف القناع: وإذا تقبل الأجير عملاً في ذمته بأجرة كخياطة أو غيرها، فلا بأس أن يقبله غيره بأقل منها ـ أي أجرته ـ ولو لم يعين فيه بشيء من العمل، لأنه إذا جاز أن يقبله بمثل الأجر الأول أو أكثر جاز بدونه كالبيع، وكإجارة العين. انتهى.
ولكن يشترط لجواز ذلك أمران:
الأول: أن يلتزم شروط المستأجر في جودة العمل ونحو ذلك.
الثاني: أن لا يكون المستأجر اشترط قيام الأجير المشترك بالعمل بنفسه دون غيره، وتقوم القرائن والعرف مقام الشرط، جاء في كشاف القناع: وإن شرط المستأجر عليه أي على الأجير مباشرته، فلا استنابة إذاً لوجود الشرط.
وفي الهداية: وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره، لأن المعقود عليه العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله، لأن المستحق عمل في ذمته ويمكن إيفاؤه بنفسه وبالاستعانة بغيره بمنزلة إيفاء الدين. انتهى.
وجاء في القواعد لابن رجب: العقد الوارد على عمل معين إما أن يكون لازماً ثابتاً في الذمة بعوض كالإجارة، فالواجب تحصيل ذلك العمل ولا يتعين أن يعمله المعقود معه إلا بشرط أو قرينة تدل عليه.
والله أعلم.