الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:فإن بيع السَّلَم جائز كما سبق في الفتويين التاليتين: 11368، 27508.
ومن الفروق الواضحة بين السلم والاتجار عن طريق البورصات، أن من أهم شروط السلم تسليم رأس المال في مجلس العقد عند الجمهور، كما قال ابن قدامة في المغني وقد عرَّف الحجاوي في الإقناع السلمَ فقال: عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. ومن المعلوم أن الغالب في البورصات عدم قبض الثمن وقت العقد.
ومن الفروق كذلك أن السلم لا يجوز بين النقدين، فلا يجوز سلم ذهب بفضة ولا بعملة، ولا عملة بعملة أخرى؛ لأن هذا من الصرف ويجب التقابض فيه، لما في صحيح مسلم: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر ولملح بالملح، مِثْلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد. وفي صحيح البخاري عن أبي المنهال قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف؟ فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف؟ فقال:إن كان يداً بيدٍ فلا بأس، وإن كان نَسَاء فلا يصلح. ورواه مسلم بلفظ: «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَهُوَ رِبًا». والنساء والنسيئة واحد، وهو التأخير.
وأخرج الترمذي عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني.
وقال ابن قدامة في المغني: وكل مالين حرم النَّساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر؛ لأن السلم من شرطه النَّساء.
وبناء على هذا، فإن السلم في الذهب والفضة أو العملات بذهب أو فضة أو عملة أخرى لا يجوز. وأما ما سواها من البترول أو الحبوب، أو غير ذلك من العروض فيجوز السلم فيه، ما لم يترتب عليه محظور آخر، مع مراعاة شروط السلم السابقة في الفتوى رقم: 11368. وراجع في حكم الاتجار عن طريق البورصات الفتويين التاليتين: 10779، 1241. وراجع في حكم بيع عملة بأخرى الفتوى: 3702. وراجع في التجارة في الأسهم الفتوى: 3099.
والله أعلم.