الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الراتب الذي يدفع للعلماء والأئمة من بيت المال أو الأوقاف ونحو ذلك مما ليس مملوكًا لمعين، فلا خلاف في جوازه بين الفقهاء، وراجع لذلك الفتوى رقم:
25060، والفتوى رقم:
24295.
ويعتبر هذا الأجر مقابل حبس الإمام نفسه لهذا العمل أو تفرغه له، فإن كان بهذه النية فلا إشكال، أما إن كان بنية الأجرة على نفس عمل الإمامة أو الوعظ أو تعليم أمور الدين، وغيرها من القرب المحضة المتعدية النفع، فالصحيح أيضًا الجواز، لأدلة منهما حديث:
إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله. رواه
البخاري.
وهذا هو مذهب المالكية والشافعية ومتأخري الحنفية، خلافًا للحنابلة ومتقدمي الحنفية الذين منعوا من ذلك. والأولى ترك أخذ الأجرة، خاصة إن كانت من شخص معين هو الذي يُعلّم أو يحفظ القرآن. قال الإمام
النووي في شرح صحيح
مسلم :
وفي هذا الحديث دليل لجواز كون الصداق تعليم القرآن، وجواز الاستئجار لتعليم القرآن، وكلاهما جائز عند الشافعي، وبه قال عطاء والحسن بن صالح ومالك وإسحاق وغيرهم، ومنعه جماعة منهم الزهري وأبو حنيفة، وهذا الحديث مع الحديث الصحيح: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله يردان قول من منع ذلك. ونقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة سوى أبي حنيفة.
أما ما يأخذه من الراتب من الدولة أو الوقف لهذا الغرض، فإنه يدخل في ملكه يتصرف فيه كما يشاء، وله أن يدخر ما يزيد عن حاجته، أو يتصدق به، أو يرده إلى مصدره.
والله أعلم.