الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى للمسلم دعاء الله عز وجل بالأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة ـ وأعلاها ما كان مأثورًا في الوحي من الكتاب والسنة ـ وأن يتجافى عن الأدعية المحدثة المتكلفة، فعن عائشة قالت: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم يَستحِبُّ الجَوامِعَ مِن الدُعاء، ويَدَعُ ما سِوى ذلك. أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان، والحاكم.
وأفضل الدعاء للمسلمين هو الاستغفار لهم، وهذا هو هدي الأنبياء، كما في قوله سبحانه على لسان نوح عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا {نوح:28}، وعلى لسان إبراهيم عليه السلام: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {إبراهيم:41}، وكما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19}.
وفي مسند الشاميين للطبراني، عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. وحسنه الألباني.
وأما الدعاء بالصيغة التي ذكرتها: فقد نص بعض العلماء على جواز ما هو قريب منها، جاء في نهاية المحتاج: قال ابن الصلاح: وينبغي الجزم بنفع: اللهم أوصل ثواب ما قرأناه ـ أي: مثله، فهو المراد، وإن لم يصرح به ـ لفلان؛ لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس للداعي، فما له أولى، ويجري هذا في سائر الأعمال، وبما ذكره في أوصل ثواب ما قرأناه إلى آخره يندفع إنكار البرهان الفزاري قولهم: اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان خاصة، وإلى المسلمين عامة؛ لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه، فقد قال الزركشي: الظاهر خلاف ما قاله، فإن الثواب يتفاوت، فأعلاه ما خصه، وأدناه ما عمه وغيره، والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء. اهـ.
والدعاء لعموم المسلمين يدخل فيه من لم يأت بعدُ منهم، جاء في الدر المنثور: وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي ـ رضي الله عنه ـ قال: ما يسرني بنصيبي من دعوة نوح وإبراهيم للمؤمنين والمؤمنات حمر النعم. اهـ.
والله أعلم.