الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا حال أخيك فقد وقع في ذنوب عظيمة وكبائر موبقة أخطرها تركه الصلاة، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر تاركها ولو تكاسلا، كما بيناه في الفتوى رقم: 1145.
ومن قطع الصلة بينه وبين ربه لا يستغرب منه أن يقع في العقوق وغيره، وراجعي في حكم العقوق الفتوى رقم: 17754.
ومن أهم ما نوصي به أولا: الصبر عليه والدعاء بأن يرزقه الله تعالى الهداية ويتوب عليه، فقلوب العباد بين يدي الله سبحانه، وهو قد وعد من دعاه بالاستجابة حيث قال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
وكلما روعي في الدعاء آدابه كان أرجى للاستجابة، وانظر الفتوى رقم: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء.
ونؤكد هنا على أهمية دعاء الوالد فإنه مستجاب؛ كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده.
ثانيا: الاستمرار في بذل النصح له، فالدين النصيحة، كما ثبت في السنة الصحيحة، روى مسلم عن تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وينبغي تحري الحكمة والرفق والموعظة الحسنة حتى تؤتي النصيحة ثمرتها، ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة؛ إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطى على ما سواه.
ثالثا: إن لم ينفعه النصح فلينظر في أمر هجره، ويرجع في ذلك إلى المصلحة، فليس كل أحد ينفع معه الهجر، لأنه قد يزيده عنادا، فحينئذ يكون الأولى تركه، كما هو موضح في الفتوى رقم: 21837.
رابعا: على والدك أن يقوم بدوره في النصح والتوجيه، وقد يكون قوله أبلغ أثرا على الولد، وتأديب البالغ بالضرب محل خلاف بين العلماء بيناه في الفتوى رقم: 138194.
والغالب أن لا يكون ذلك مجديا وخاصة في زماننا، فاجتنابه أولى.
خامسا: إذا بذلت له النصح على الوجه الصحيح، فقد أديت الذي عليك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، وقد يتعين أحيانا، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 287860.
والله أعلم.