الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، ويوفقك إلى الزوج الصالح الذي تقر به علينك، ومن أهم ما ينبغي أن تحرصي عليه الدعاء، فالله عز وجل خير مسؤول وخير مجيب، فهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
وراجعي الفتوى رقم: 119608، ففيها آداب وشروط الدعاء وأسباب إجابته.
وإن كان رفض والديك لهذا الشاب لمجرد ما ذكر من كونه ليس من جماعتهم، فذلك منهما خطأ، فإن الشرع الحكيم قد أرشد إلى قبول الخاطب صاحب الدين والخلق، فهو أرجى أن تدوم معه العشرة، روى الترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
وجاء رجل للحسن فقال: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
وقد أحسنت بسعيك في محاولة إقناع والديك، ويمكنك أن تستعيني عليهما بمن ترجين أن يكون قوله مقبولا عندهما، فإن اقتنعا فالحمد لله، وإن أصرا على الرفض فلك الحق في رفع الأمر إلى القاضي الشرعي لينظر في أمرك ويزيل عنك الضرر، فإن ثبت عنده عضل وليك لك زوجك أو وكل من يزوجك، فالسلطان ولي من لا ولي له، كما ثبتت بذلك السنة، وانظري الفتوى رقم: 67198.
وإن رأيت أن تصبري حتى ييسر الله أمرك برا منك بوالديك وتجنبا لأسباب الشقاق، فهذا أمر حسن.
وأما أذية نفسك: فلا ينبغي أن تفكري فيها فضلا عن أن تقدمي عليها بالفعل، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}.
وفي مسند أحمد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
والله أعلم.