الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر ـ أيتها الأخت ـ من سؤالك هذا أنك تعانين من فرط الوسوسة في شأن الكفر، والعلاج الذي ينبغي لك الأخذ به: هو الإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغلِ بها، وقطع الاسترسالِ معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله أن يعافيك منها.
وأما تعداد الإحسان عند الجحود والإساءة فليس من المنة المحرمة، قال ابن حزم: ولا يحل لأحد أن يمنَّ بما فعل من خير؛ إلا من كثر إحسانه وعومل بالمساءة، فله أن يعدد إحسانه، قال الله عز وجل: لا تبطلوا صدقاتكم بالمنِّ والأذى {البقرة: 264} روينا عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذبة ـ ومن طريق مسلم عن عبد الله بن زيد لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا قسم الغنائم فأعطى المؤلفة قلوبهم، فبلغه أن الأنصار يحبون أن يصيبوا ما أصاب الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار؛ ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله بي؟ ويقولون: الله ورسوله أمن؟ فقال: ألا تجيبونني، أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا، وكان من الأمر كذا ـ فهذا موضع إباحة تعديد الإحسان. اهـ من المحلى باختصار.
وأما التكلم بكلام دون قصد معنى مكفر: فليس كفرا أبدا، وانظري الفتوى رقم: 152091.
فكل ما ذكرته في سؤالك إنما هي مجرد افتراضات نابعة من الوسوسة في شأن الكفر.
والله أعلم.