الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النجم وهويه فسر بعدة تفسيرات، فقد جاء في معاني القرآن للفراء: قوله تبارك وتعالى: والنجم إذا هوى ـ أقسم تبارك وتعالى بالقرآن، لأنه كان ينزل نجوما الآية والآيتان، وكان بين أول نزوله وآخره عشرون سنة، حدثنا محمد بن الجهم قال: حدثنا الفراء: وحدثني الفضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبد الله في قوله: فلا أقسم بموقع النجوم ـ قال: هو محكم القرآن، قال: حدثنا محمد أبو زكريا يعني: الذي لم ينسخ، وقوله تبارك وتعالى: إذا هوى ـ نزل، وقد ذكر: أنه كوكب إذا غرب. اهـ.
وفي غريب القرآن لابن قتيبة: والنجم إذا هوى ـ يقال: كان القرآن ينزل نجوما، فأقسم الله بالنجم منه إذا نزل، وقال مجاهد: أقسم بالثريا إذا غابت، والعرب تسمي الثريا ـ وهي ستة أنجم ظاهرة ـ نجما، وقال أبو عبيدة: أقسم بالنجم إذا سقط في الغور، وكأنه لم يخصص الثريا دون غيرها.
وفي تفسير الألوسي: والنجم إذا هوى ـ أقسم سبحانه بجنس النجم المعروف على ما روي عن الحسن ومعمر بن المثنى، ومنه قوله: فباتت تعد النجم في مستحيرة... سريع بأيدي الآكلين جمودها ـ ومعنى هوى غرب، وقيل: طلع، يقال: هوى يهوي كرمى يرمي هويا بالفتح في السقوط والغروب لمشابهته له، وهويا بالضم للعلو والطلوع، وقيل: الهوى بالفتح للإصعاد، والهوى بالضم للانحدار، وقيل: الهوى بالفتح والضم للسقوط، ويقال: أهوى بمعنى هوى، وفرق بعض اللغويين بينهما بأن هوى إذا انقض لغير صيد، وأهوى إذا انقض له، وقال الحسن وأبو حمزة الثمالي: أقسم سبحانه بالنجوم إذا انتثرت في القيامة، وعن ابن عباس في رواية أقسم عز وجل بالنجوم إذا انقضت في إثر الشياطين، وقيل: المراد بالنجم معين، فقال مجاهد وسفيان: هو الثريا، فإن النجم صار علما بالغلبة لها، ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا طلع النجم صباحا ارتفعت العاهة ـ وقول العرب: طلع النجم عشاء فابتغى الراعي كساء، طلع النجم غدية فابتغى الراعي كسية ـ وفسر هويها بسقوطها مع الفجر، وقيل: هو الشعرى المرادة بقوله تعالى: وأنه هو رب الشعرى {النجم: 49} والكهان يتكلمون على المغيبات عند طلوعها، وقيل: الزهرة وكانت تعبد، وقال ابن عباس ومجاهد والفراء ومنذر بن سعيد: النجم المقدار النازل من القرآن على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وإذا هوى بمعنى إذا نزل عليه مع ملك الوحي جبريل عليه السلام.... وأظهر الأقوال القول بأن المراد بالنجم جنس النجم المعروف بأن أصله اسم جنس لكل كوكب، وعلى القول بالتعيين فالأظهر القول بأنه الثريا، ووراء هذين القولين القول بأن المراد به المقدار النازل من القرآن، وفي الإقسام بذلك على نزاهته عليه الصلاة والسلام عن شائبة الضلال والغواية من البراعة البديعة وحسن الموقع ما لا غاية وراءه، أما على الأولين فلأن النجم شأنه أن يهتدي به الساري إلى مسالك الدنيا، كأنه قيل: والنجم الذي تهتدي به السابلة إلى سواء السبيل... اهـ.
وأما ما رأيته ليلة سبع وعشرين: فليس من شأننا الخوض فيه ولا تكلف تفسيرا له.
والله أعلم.