الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الآية وردت في شأن أهل الحشر وعدم قدرتهم على الفرار، وقد وضح ابن كثير المراد من هذه الآية، فقال ما عبارته: أَيْ لَا تَسْتَطِيعُونَ هَرَبًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِكُمْ، لَا تَقْدِرُونَ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ حُكْمِهِ وَلَا النُّفُوذِ عَنْ حُكْمِهِ فِيكُمْ، أَيْنَمَا ذَهَبْتُمْ أحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، الْمَلَائِكَةُ مُحْدِقَةٌ بِالْخَلَائِقِ سَبْعَ صُفُوفٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الذَّهَابِ إِلَّا بِسُلْطانٍ، أَيْ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ: يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ {الْقِيَامَةِ: 10ـ 12} وَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ {يُونُسَ: 27} وَلِهَذَا قال تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ ونحاس فلا تنتصران. انتهى.
وقد بينا الفرق بين الفضاء والسماء في الفتوى رقم: 103693.
كما بينا في عدة فتاوى أخرى أنه لا مانع شرعاً من الصعود على سطح القمر أو غيره من الكواكب الفضائية، وأما الآية الكريمة: فلا تدل على هذا الأمر، لا بنفي ولا بإثبات.
والله أعلم.