الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال يحتمل أنه قدم لوالد الطفل ليستعين به على نفقات المولود وعقيقته ونحو ذلك، وإن كان كذلك، فلا إشكال في جواز استعمال الوالد له في العقيقة، ويحتمل أيضا أن يكون المقصود به هو المولود نفسه، ويحوزها عنه وليه، وإن كان كذلك فهو كسائر أملاك المولود، تحفظ له، ويجوز لوالده أن ينفق منه إذا احتاج إليه، ومن جملة ذلك العقيقة المطلوبة من الوالد إذا لم يكن عنده من ماله ما يقوم بها، وانظر الفتويين رقم: 1569، ورقم: 31108.
ومرد الحكم لأحد هذين الاحتمالين يرجع إلى العرف وما جرت به عادة أهل بلدك، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 68723، رقم: 120985.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: الهدايا المحمولة عند الختان ملك للأب، وقال جمع: للابن، فعليه يلزم الأب قبولها... ومحل الخلاف إذا أطلق المهدي فلم يقصد واحدا منهما، وإلا فهي لمن قصده اتفاقا. اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين: الهدايا التي تقدم للأطفال حديثي الولادة هل للأم التصرف فيها بإهداء أو بيع أو نحوه؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله: الهدايا التي تهدى للمولود أول ما يولد هي ملك له، والأم ليس لها ولاية على ولدها مع وجود أبيه، وعلى هذا فلا يحل لها أن تتصرف فيها إلا بإذن أبيه، فإذا أذن فلا بأس، وسواء كان المولود بنتًا أو ابنًا الحق في المال للأب لا للأم. اهـ.
وهذا كله بناء على أن العقيقة من مال الأب، كما هو مذهب جماهير العلماء، وأما على قول من قال: إنها من مال الولد ـ كما هو قول لبعض المالكية ـ فلا إشكال، قال الحطاب في مواهب الجليل: ذكر الجزولي والشيخ يوسف بن عمر في ذلك قولين، أحدهما: أنها في مال الولد, فإن لم يكن له مال ففي مال الأب، والثاني: أنها في مال الأب. اهـ.
والله أعلم.