الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياة الزوجية قد لا تخلو من مشاكل في الغالب، ولكن الحكمة أن يتعقل الزوجان ويترويا في حلها بعيدا عن العصبية، فإن غاب التعقل فقد يحدث ما لا تحمد عقباه، خاصة وأن الشيطان للزوجين بالمرصاد، يبذل قصارى جهده للتفريق بينهما، ثبت في صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
ونحسب أنه قد كان الأولى بك أن لا تلجأ إلى هذا التصرف ـ نعني إغلاق الجوال ـ فقد تكون هذه الطريقة مستفزة، بل كان الأفضل أن تتفاهم مع زوجتك ويكون بينكما حوار بالحسنى، وإن كانت قد رفعت صوتها وقامت بسبك وشتمك فقد أخطأت بذلك، بل هذا نوع من النشوز، وقد جعل الشرع له علاجه في خطوات بيناها في الفتوى رقم: 1103.
وفي المقابل فقد أخطأت أنت خطأ بينا حين ضربتها على وجهها، فضرب المرأة على سبيل الاعتداء ظلم، ويعظم الأمر بالضرب على الوجه خاصة، لأنه قد ورد النهي عنه، كما في سنن أبي داود عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله؛ ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت ـ أو اكتسبت ـ ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
وقولك عن زوجتك إنك لا تطيق العيش معها إن كنت تقصد أنك طلقتها، فلها حقوق المطلقة، وإن لم تقصد به طلاقها، فلا تزال في عصمتك، ولها حقوقها الزوجية إلا أن نشوزها يسقط عنك نفقتها حتى ترجع عن نشوزها، ويشمل ذلك أيضا نفقتها في العدة، هذا مع التنبه إلى أن الحامل لا تسقط نفقتها، وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 27662، 292666، 8845.
وننصح في الختام إلى السعي في الإصلاح على أسس سليمة تحافظ على كيان الأسرة، وخاصة إن كنتما رزقتما الأولاد، ففي ذلك مصلحتهم، وفي الفراق مضرتهم غالبا، قال الله عز وجل: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.
والله أعلم.