الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع الجن، لا يلزم أن يكون سحرا، ولا شركا. وقد فصل فيه شيخ الاسلام -رحمه الله تعالى- فذكر أن حكمه يختلف باختلاف نوع التعامل ووسيلته. فأباح بعضه، وحرم بعضه، وذكر أن منه ما يفضي للشرك.
فقال رحمه الله: والمقصود هنا أن الجن مع الإنس على أحوال:
- فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله، من عبادة الله وحده، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويأمر الإنس بذلك، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى، وهو في ذلك من خلفاء الرسول ونوابه.- ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم، وينهاهم عما حُرِّم عليهم، ويستعملهم في مباحات له، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون ذلك.. إلخ.
- ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله، إما في الشرك، وإما في قتل معصوم الدم، أو في العدوان عليهم بغير القتل، كتمريضه وإنسائه العلم، وغير ذلك من الظلم، وإما في فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان، ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص: إما فاسق، وإما مذنب غير فاسق.. انظري: مجموع الفتاوى (11/307، 308).
وقد بينا في بعض الفتاوى السابقة، أن الراجح عدم جواز استعمال الجن حتى ولو ادعى أحدهم الإسلام؛ لأن الجن أهل كذب وخداع، ومدعي الإسلام منهم لا يعلم هل هو صادق أو كاذب، وهل هو سالم من البدع والشعوذة والدجل أم لا؟
وقد أفتى بمنع الاستعانة بهم كثير من المحققين المعاصرين؛ منهم الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ ابن باز -رحمهما الله تعالى.
والله أعلم.