الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي -أولاً- أن يعلم أن لوطًا كغيره من الرسل -عليهم السلام-، جاءوا أقوامهم بالتوحيد ودعوهم إليه، كما نص الله تعالى على ذلك مجملاً في القرآن: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ [النحل:36]، وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
فإذا علمت هذه الحقيقة انحل الإشكال في القضية من حيث العموم، لكن يبقى لماذا لم يذكر القرآن الكريم عن لوط -عليه السلام- أنه دعا قومه إلى التوحيد على وجه الخصوص، كما فعل مع باقي إخوانه من الرسل -عليهم السلام-؟ نقول: لعل السر في ذلك هو بشاعة ما كان عليه قوم لوطٍ من العصيان، ومخالفتهم للطبع والشرع، حيث ابتدعوا ذنوبًا لم يُسْبَقوا إليها، كان أشدها إتيانهم الرجال، وقد أشار القرآن صراحة إلى استنكار لوط لذلك بقوله: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [الأعراف:80، 81].
والله أعلم.