الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر أيها الأخ من سؤالك هذا، وأسئلتك السالفة، أنك تعاني من فرط الوسوسة في الطلاق، فنسأل الله لك العافية منها.
والعلاج الذي ينبغي لك الأخذ به: هو الإعراض عن الوساوس جملة، والكف عن التشاغلِ بها، وقطع الاسترسالِ معها، وعدم السؤال عنها، والضراعة إلى الله أن يعافيك منها.
وأما محاولة علاج الوسوسة بتتبع التفريعات والمخارج الفقهية، فليس علاجا للوسوسة، ولا مخرجا من ورطاتها.
ونعتذر عن مجاراتك في وساوسك، وإجابة تفريعاتك وافتراضاتك الوسواسية، حفاظا على وقتنا، ومراعاة للأسئلة الكثيرة والمهمة التي بين أيدينا. ولأنه ليست هناك فائدة للسائل الموسوس أصلا من إجابة أسئلته، ما دام مصرا على مجاراة الوساوس والتمادي معها، بل قد تزيده تفاصيل الإجابات وسوسة وحيرة!.
وقد أحلناك في ردنا على أسئلتك السابقة إلى عدة فتاوى حول طلاق الموسوس، ونسوق لك هاهنا هذه الفتوى لابن عثيمين حول طلاق الموسوس. يقول فيها: ونصيحتي لهذا الأخ الذي ابتلي بهذا الوسواس في طلاق امرأته، ألا يلتفت إلى ذلك أبدا، وأن يعرض عنه إعراضا كليا. فإذا أحس به في نفسه، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم حتى يبعده الله عنه.
أما من الناحية الحكمية: فإن الطلاق لا يقع بهذه الوساوس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم) فما حدث الإنسان به نفسه من طلاق أو غيره، فإنه لا يعتبر شيئا. وإذا كان طلاقا فإنه لا يعتبر حتى لو عزم في نفسه على أن يطلق، لا يكون طلاقا حتى ينطق به، فيقول مثلا زوجتي طالق. ثم إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه إذا لم يكن عن قصد؛ لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق مكره عليه؛ لقوة الدافع، وقلة المانع. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا طلاق في إغلاق) فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه الإنسان بغير قصد ولا اختيار، فإنه لا يقع به طلاق. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
والله أعلم.