الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس التهديد بالطلاق أو إيقاعه مبررا لارتكاب الكبائر وفعل الموبقات ـ ومنها الربا ـ لأن الطلاق ليس بحرام بخلاف الكبائر فضلا عن الموبقات، قال ابن بطة في كتاب إبطال الحيل: حدثني أبو بكر محمد بن أيوب قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سئل أحمد بن حنبل: عن رجل حلف بالطلاق أنه لابد أن يطأ امرأته الليلة، فوجدها حائضا؟ فقال: تطلق منه امرأته ولا يطؤها، الله تبارك وتعالى أباح الطلاق وحرم وطء الحائض. اهـ.
وقال ابن أبي موسى الشريف في الإرشاد إلى سبيل الرشاد: من حلف بالطلاق ليفعلن محرما في وقت عينه، نهيناه عن فعله، وأمرناه بالطلاق، لأنه مباح، وفعل المحظور حرام. اهـ. ثم ذكر كلام الإمام أحمد السابق.
وقال ابن مفلح في الفروع: ومن حلف بطلاق ثلاث ليطأنها اليوم، فإذا هي حائض، أو: ليسقين ابنه خمرا ـ لا يفعل، وتطلق. اهـ.
وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 113556، ورقم: 76927.
والمقصود أن السائلة تجتهد في نصح زوجها وموعظته، وتستعين عليه بأهل الفضل والصلاح من أهله ونحوهم، ولكن لا تطيعه في الاقتراض بالربا، وإن أصر على طلاقها، وتستعين بالله تعالى، وتلجأ إلى دعائه بأن يهيئ لها من أمرها رشدا، وأن يجعل لها من همها فرجا، ومن كربها مخرجا، ولتعلم أن الله تعالى لا يُضيِّع أهله، وأنها لن تجد فقْد شيء تركته لله، وأن الله سيعوضها خيرا إن هي صبرت واتقت ربها، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 2ـ 4}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل، إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.