الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا شهد شاهدان عدلان بوقوع الطلاق، فإنّ القاضي يحكم به، ولو أنكره الزوج.
أمّا إذا لم يشهد شاهدان، فالقول في الظاهر قول الزوج، قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها، فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق، إلا أن يكون لها بما ادعته بينة، ولا يقبل فيه إلا عدلان.
فهذا حكم الظاهر، وهو الذي يحكم به قضاء.
أمّا الحكم ديانة، فإنّ الزوجة إذا كانت على يقين من وقوع الطلاق الثلاث، فلا يحل لها البقاء مع هذا الرجل، وعليها مفارقته، ولو بالخلع، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج، إلا أن تكون لا تشك في طلاقه، قد سمعته طلقها ثلاثًا، فإنه لا يسعها المقام معه، وتهرب منه، وتفتدي بمالها.
ولا يجوز لها أن تبقى في بيته على وجه تحصل فيه خلوة، لكن يجوز أن تبقى في جزء من البيت مستقل بمرافقه، بحيث لا تحصل خلوة بينهما، أو اختلاط محرم بينها وبين مطلقها.
ومما يسهل عليها الاعتداد في بيته حالته المرضية، قال الحجاوي -رحمه الله-: وتعتد بائن حيث شاءت من بلدها، في مكان مأمون، ولا تسافر، ولا تبيت إلا في منزلها وجوبًا، فلو كانت دار المطلق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في موضع منفرد، كالحجرة، وعلو الدار، وبينهما باب يغلق، وسكن الزوج في الباقي، جاز، كما لو كانتا حجرتين متجاورتين.
والله أعلم.